خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتحديات جديدة أمام السياحة الإنجليزية الوافدة لمصر

 

انخفاض الجنيه الإسترليني يؤثر سلبا على تكاليف السفر وتوقعات بانكماش اقتصادي بريطاني

هل يصمد قرار السياحة للمواطن الإنجليزي أمام التضخم وتراجع الأجور وارتفاع معدلات البطالة؟


كتب- أكرم مدحت 

 

هل تدخل السياحة البريطانية نفقا مظلما؟، تساؤل يطرحه "ترافل يالا نيوز" بعد تأييد 52% من الشعب البريطاني لاستقلال بلادهم عن الاتحاد الأوروبي، وهو ما يلقي بظلاله على الاقتصاد البريطاني، وهو ما أكدته جميع التقارير المتخصصة هناك، وأول بند من المتوقع أن يتأثر في حياة المواطن الإنجليزي هو قرار السفر من أجل السياحة.

 

ومن المتوقع أن تتأثر حركة السياحة البريطانية الوافدة إلى مصر خلال الفترة المقبلة لتزيد الأمر سوءا، حيث أنها بالفعل ضعيفة منذ حادث الطائرة الروسية نهاية أكتوبر الماضي، نتيجة وقف الطيران إلى شرم الشيخ، والتي تعد الوجهة الأولى للسائح الإنجليزي في مصر.

 

ارتفاع تكاليف السفر

انخفض الجنيه الإسترليني لأدنى مستوى له منذ 31 عاما أما العملات الرئيسية العالمية بعد ظهور نتيجة الاستفتاء، والذي سيكون له عدة تداعيات سلبية مباشرة في اتخاذ المواطن البريطاني قرار السفر من أجل السياحة، وذلك لارتفاع تكلفة الرحلات إلى خارج بريطانيا.

 

ووفقا لتقرير نشره موقع "BBC"، أفاد بأن ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني قال خلال حملة الاستفتاء إن تكلفة رحلة لـ 4 أشخاص مدتها 7 أيام/8 ليالي سوف تزداد بما يعادل 230 جنيه إسترليني.

 

إلا أن تكلفة الطيران ستتوقف على شركة الطيران، ما إذا سيتم تقدير السعر بالجنيه الإسترليني أم بعملات أخرى، فشركتا إيزي جيت، ورايان آير للطيران، أعلنتا أن تكلفة الرحلات سوف تزداد نتيجة للخضوع لمزيد من قواعد ورسوم الطيران.

 

في حين ذكرت شركة "IAG" المالكة للخطوط الجوية البريطانية، أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لن يؤثر في أعمالها التجارية.

 

تأثر الأجور والمعاشات

عندما تتأثر أساسيات الحياة سلبا، فلا ننتظر أن تحصل الرفاهية على مكانة أفضل، فمن المتوقع مع تراجع قيمة الجنيه الإسترليني أن يرتفع معدل التضخم، وبحسب تقرير نشر في جريدة الشرق الأوسط توقع صندوق النقد الدولي أن يشهد الاقتصاد البريطاني انكماشا العام المقبل، مما سيؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة من 5% حاليا إلى 6.5% خلال عامين، والتي كانت في أدنى مستوى لها خلال 10 سنوات.

 

وفيما يتعلق بالأجور، تقدر وزارة الخزانة انخفاض إجمالي الأجور نسبة تتراوح بين 2.8% و 4%، أي سيكون معدل انخفاض دخل الشخص العادي نحو 780 جنيها في العام، بحسب تقرير "BBC" عربية، وبالتالي تقل فرصة عمل رحلات سياحية في ظل تراجع متوسط الدخل للمواطن البريطاني، وخاصة من فئات الشباب والعائلات، والذين يميلون إلى السياحة الشاطئية.

 

وفي سياق متصل، قال كاميرون خلال الحملة الانتخابية إن الخروج من الاتحاد يمثل تهديدا لمعاشات التقاعد، وكان يشير إلى اتفاق ينص على زيادة معاشات التقاعد.

 

وإذا تراجع النمو الاقتصادي كثيرا، فإن بنك إنجلترا ربما يقرر تمديد برنامج "التيسير الكمي" الذي يطرح فيه البنك المزيد من الأموال في الأسواق بدلا من خفض سعر الفائدة، ومن شأن هذا انخفاض عائدات السندات، والفوائد السنوية عليها، وبالتالي سينخفض دخل من يحصل على معاشه سنويا، ما سيكون له تأثير سلبي على السائحين أصحاب الأعمار المتقدمة الذين يميلون إلى السياحة الثقافية "الأثرية".

 

شرم الشيخ وتعنت كاميرون

إن تأجيل بريطانيا فتح المجال لعودة السياحة إلى شرم الشيخ أمر سياسي في المقام الأول وليس لوجود أزمة أمنية في مطار شرم الشيخ، خاصة وأن ضحايا الطائرة روس وليس لبريطانيا أي علاقة بالحادث، وتعنت ديفيد كاميرون رئيس الوزارء في اتخاذ القرار أو بحث عودة الطيران الإنجليزي إلى مدينة السلام، جعل البعض يتفائل باستقالته لأنه قد يفتح المجال لاتخاذ رئيس الحكومة الجديد قرارا باستئناف الرحلات.

ولكنهم تغافلوا العوامل الأخرى التي قد تغير الأمور وتقلبها رأسا على عقب، وهي الأزمة الاقتصادية التي ستواجهها بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.

 

محاولة للتفاؤل

وعلى الجانب الآخر، قال الدكتور عاطف عبد اللطيف رئيس جمعية مسافرون للسياحة والسفر وعضو جمعيتي مستثمري جنوب سيناء ومرسى علم إن انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي سيصب في مصلحة مصر، خاصة مع استقالة ديفيد كاميرون الذي كانت لديه سياسة متشددة مع مصر، وتوجهات مغايرة للنظام الحالي، وبصفته عضو في الاتحاد الأوروبي وبحكم ثقله السياسي والاقتصادي نجد أن دولا أخرى انتهجت نفس سياسته.

 

وأضاف عاطف أن بريطانيا كانت تدفع نحو 395 مليون جنيه إسترليني شهريا للاتحاد الأوروبي عبارة عن قيمة مضافة وضرائب نتيجة لوجودها بالاتحاد، وكانت أوروبا الشرقية الأكثر استفادة ويمثلون عبئا على بريطانيا، مشيرا إلى أنه من المنتظر أن تشهد بريطانيا حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي قد تزيد عن عام ونصف.

 

السياحة البريطانية في أرقام

ووفقا للإحصائيات السياحية التي ينفرد بها "ترافل يالا نيوز"، إن إجمالي الشهور الخمسة الأولى من العام الجاري 2016، سجل البريطانيون توافد 103 ألف سائح، لتكون في المركز الرابع في قائمة الأسواق السياحية الكبرى في مصر، بانخفاض 75%، عن نفس الفترة من 2015 التي حققت 409 ألف سائح، وقضوا 795 ألف ليلة سياحية والتي تهاوت بنسبة 81% عن عام 2015.

 

وحققت مصر توافد 869 ألف سائح بريطاني العام الماضي 2015، بتراجع 4%، وقضوا نحو 9 ملايين ليلة سياحية، مقارنة بعام 2014، الذي شهد 906 ألف سائح.

 

جدول يوضح تطور السياحة البريطانية الوافدة إلى مصر منذ عام الذروة 2010:

العام

عدد السائحين البريطانيين

2010

1.455.906

2011

1.034.413

2012

1.011.755

2013

955.344

2014

905.713

2015

869.481

 

الطيران بين مصر وبريطانيا

تعمل شركتان للطيران المنتظم بين البلدين وهما الشركة الوطنية مصر للطيران، والخطوط الجوية البريطانية، وتشغل الأولى 14 رحلة أسبوعياً بين القاهرة ولندن، ورحلة أسبوعية من مطار الأقصر الدولي.

 

وتشغل الخطوط الجوية البريطانية "BA"رحلة يوميا، على طائرة من طراز "آيرباص A320"، التي تسع نحو 179 مقعدا، وكان مستهدف تكبير هذا الطراز في نوفمبر الماضي نظرا لنجاح تشغيل الخط إلى طراز "بوينج B767"، بسعة 300 مقعدا، وكان من المتوقع الصيف الجاري العمل بطراز عريض.

 

وبداية من 14 سبتمبر الماضي تم تشغيل رحلات بين مطار شرم الشيخ، ومطار جاتويك جنوب لندن، بواقع رحلتين أسبوعيا من مطار جاتويك جنوب لندن، على طائرة من طراز "آيرباص A319"، والتي تستوعب نحو 140 مقعدا، وكان من المقرر زيادتها إلى 3 رحلات خلال أشهر موسم الشتاء، ولكن قررت السلطات البريطانية وقف حركة الطيران المنتظم والعارض "الشاتر" إلى مطار شرم الشيخ بعد حادث الطائرة الروسية نهاية أكتوبر الماضي، ولم يشهد الملف أي تطورات حتى الآن.

 

أما رحلات الطيران العارض "الشارتر" من بريطانيا تعتمد على عدة شركات طيران أبرزها توماس كوك، وإيزي جيت، وهما أصحاب النصيب الأكبر في الحركة الوافدة، إلى جانب شركات إنجليزية أخرى، وتعمل هذه الشركات من عدة مدن بريطانية إلى مطارات الغردقة بشكل أساسي، ثم مرسى علم.